يروق لي ذكراك يا حبيبي
متى .. وهل ألقاك بعد المغيب؟
صنوفٌ من الآسقام تعتريني
وبلسمي هو رؤياك يا طبيبي
تعالى فإن غيابك قد قتلني
فما الهجر إلا تكفيرا للذنوب
أصون لك الود في وحشتي
ولم أهنأ لا بكحلٍ و لا بطيبِ
أفتش عنك في كل الوجوه
واسعى بشغفٍ في كل الدروب
متى تأتي؟ لظمئي وتسقيني
صدى صوتي أسمعه مجيبي
فقد ينال الدهر مني فيذهلني
فلا تأتي بعدما يأتي مشيبي
قيدتني و قيدك لي يقرحني
أراك تشتهي ألمي و تعذيبي
بليت بسهم الهوى في قلبي
وكنت راميا و السهم مصيبي
(8)
يا مُنْيَةَ القَلْبِ إنَّ السُّهْدَ أَرَّقَنِي
قد حَلَّ في بَدَنِي الكَلُّ والوَصَبُ
مانَامَ لِي جَفْنٌ ولا طَالَهُ وَسَنٌ
ما يَمْنَعُ الرُّقادَ إلا ذلكَ السببُ
قد أَشْعَلَتْنِي بالظُنُونِ فحرَّقتني
و الفِكْرُ في عقلي كأنَّهُ اللهبُ
إني ظَمِئْتُ وَ الرِّيُّ في ثَغْرٍ
مَنْ لِي بِهِ وَفِيكِ المَبْسَمُ الْعَذْبُ
يَسْقِي الشِفَاهَ بالخَمْرِأَرْضُبُهُ
عَصِيراً مَاأحْتَواهُ كَرْزٌ وَلا عِنَبُ
ياجَامِعَ اللُّبينِ في لُبٍ تُوَحِّدَهُ
حَتَّى أَلُوذَ بِهَا لَوْ الْوَعْدُ يَقْتَرِبُ
إنْ دَانَ لِي فِي الدُّنْيَا أَكْسِبُهُ
أَوْلا تَدَعْنِي لغيرِالْحَقِّ أَغْتَصِبُ
(9)
هل علمت بما فعلت بي
وقض المضاجع بالسهاد؟
قد أخمدت نيران قلبي
وأورثت فيه برد الرماد
صرت في هواها فريسةً
سهمٌ أصابها من الصياد
ما وهنت ولا استكانت
واشتدت بعزمها في عناد
نصبت من نفسها قاضيا
فحكمت ونفذت كالجلاد
واستباحت دمائي وقتلي
وأصدرت حكما بإبعادي
استجرت بها فأوثقتني
أسرتني بالقيد و الأصفاد
هل علي صارالود سيفا
تخدعني بالحب والوداد
رأيت فيها الآن غلا
لم أره يوما في الأعادي
أتبعته بعد الهجر صدا
وجمودا ورتلا من الأحقاد
فهل استدام البطش أبدا
وظل الناس في استعباد
فنصفوا وزال الظلم عنهم
واستراحوا من الأوغاد
(10)
ياليت قلبي من الجروح تعلم
بكل مرة تعود عليه يتألم
ياقلبي حاذر ولا تتبع الهوى
ليقض المضاجع ليلا فتندم
تعتب عليَّ واللوم فاض بي
والزيف قد أحاط بك فإفهم
لا تشتري الحب ممن تحب
إن تشتريه فإنك سوف تظلم
يبيع الوهم في عينيه غِشَّاً
وفي حشا قلبه عليك محرم
حلفت تباعا لن تعود إليه
وتحنث دائما فيما كنت تقسم
أتكون عصفورًا يصدح لحيةٍ
تقضي عليه بعد الغِنَا وتَلقُم
إليك يهرع العاشقون لوأهملتهم
ويفرالحبيب وأنت به مغرم
لا تحسبن الهوى قد صارعدلا
لوكان عادلا ما ساوى درهم
(11)
بَخِلَتْ عليَّ بعطفٍ ولم تبالي
رغم أني بالغتُ في إسرَافي
فَطَغَتْ وَ تَجَبَّرَتْ عَلَىَ حُبِّي
قَدْ كَانَ أَوْلَى بِهَا إِنْصَافِي
قَطَعَتْ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ أَحْبَالِي
بَعْدَ مَا أَشْعَلَتْ نَاراً بِالشِّغَافِ
أَنَا لَا أُسَامِحَ مَنْ بَغَى عَلَيَّ
أَوْ مَنْ بَاتَ يَسْعَىَ إِلَى إِتْلَافِي
ألا قد تظنين أني متهاوننا
أو هنت بالإفصاح واعترافي
فلا تحزني إن أصبحت ذئبا
ما عاد يجديني ثوب خراف
تمر أعوامٌ و أنتِ كما كنتي
لن تتغيري لو مَرَّ بالآلافِ
أنا إن تغيرت أصير قويا
من يستطيع بَعدَكِ إضعافي
(12)
ما ذنبي أني لا أريد سواك
ماخطأي أني وقعت في هواك
من يشفع لي الأخطاء إن حدثت
من يعوضني عن النظر لبهاك
أعوام تمضي و القلب منفعلا
لا يبتغي العيش الا في رباك
لا تزهدي و تقولي شيخا بلى
قلبي خوى من الدنيا واحتواكي
لا تصرفي النظر عني وامنحيني
قربا من مهد المنى في صباك
ظني بأني ملكت بحبك خبرة
أسعى بها في الدنيا معاك
(13)
أقسمت بأنك أبدا ما برحت أشواقي
أذرفت على الخد دمعة من الأحداق
القلب لان و أضحى مدادا في الأوراق
أقسم وما كنت حانثا قسمي وأخلاقي
أني أبيت في ليلي يقظا إلى الإشراق
كانت هواجس الليل أشد ما ألاقي
أطبقت على عقلي كالظلم و الأرواق
أدنو لقاع أشرفت فيه على الأغراق
ماعادت قوتي تكفيني و لا العمر باق
هانت شدتي وقلت عزائمي بإلإخفاق
و استكانت نفسي لضعفي و إرهاقي
أسقط بالمضمار قبل نهاية السباق
أدركت أن الحب أفناني كبقية العشاق
(14)
يا من شكوته إلى ربي ... ظلمتني
ضيعت ما وهبته إليك .. وضيعتني
نال الزمان مني وكنت معينه
والوقت إن يسمح لك لقتلتني
قطعت ما بيني و بينك من أواصر
ما كنت قاطعها و لكنك قطعتني
لله أدعو عليك في جوف المساء
وفي الضحى لا أمل الدعاء وأعتني
كم كنت تلهو وتعبث بي لاهيا
بالله كيف أعتقدت ومن ظننتني
حتما سيأتي غدٌ و يقضى بيننا
فامكث تنال عذابه يوما وتجتني
(15)
غَرِمَ الفؤادُ وتصبَّى من فرط الهوى
لما رأيتك من خلف نافذةٍ تتبسَّمي
ودعاني إحساسٌ دفينٌ في لُبِّ قلبٍ
يخفقُ من رجفة تسري في دمي
سعيت لأجلك رغم فشلي معذبا
وأرجو إنتباها منك حتى تعلمي
وزهدت لا أدري و الطعام أعافه
واعتراني الشكُ وانتي لا تتكلمي
ألاطمُ فِيكِ أمواجاً في بحر الهوى
وأوهنت قلبي هواجسُ ليلٍ مظلمِ
أدركني فيه مشيبٌ أسكن ثورتي
قَضَّ عرشَ شبابي وقيد معصمي
أينفذُ سهمُ الحبِ من خلفِ نافذةٍ ؟
بعد ما نَفِذَتْ جُعبتي من أسهُمي !
ويطلُ منها البدرُفي وَضَحِ النهارِ!
و يُضيءُ في قلبٍ ضعيفٍ مُعتِمِ !
أذهَلَتْنِي بَسْمةٌ تَبَدْت من ثَغْرِهَا
أشْعلَت بي حريقا كالَّهيب المُضْرَمِ
(16)
قمرٌ قد زاد في اللثام حسنا
وماالبدرإلا منزلة من الهلال
من في لحظه قد طوى سهما
يردي الفؤاد نصله بالجمال
سبحان ربي حين أبدع خلقها
عصفور يغرد في قد الغزال
والله ما بالغت حين وصفتها
كيف يكون وصفها ومقالي
ماينزل من سماها سوى غيث
أحيت به قلبا من الصلصال
(17)
قد خاب قوسي و ترهل الوتر
ما عاد في نفسي شغف ولاوطر
ما ينفع الجدباء نهر ولا مطر
إن لم يحيها زرع أو بها بزر
إن يخمد الماء النار لا تستعر
حتى لو صابها ودق أو شرر
ما ينفع الأبدان شيء لو بها فتر
الدهر ولى والشباب لا ينتظر
(18)
ويح قلبي لم يعد يشفي غليل الشعر بالكلمات
كم ذاق كأس المر يمزجه بالصب و الآهات
دع عنك نزيف حب كنت صائبه بالطعنات
لا تشتري الوهم من خدع تنهيك بالحسرات
مسكين بالفرش بات مكتئبا ممدا كالأموات
أن كنت ترعاه بالود في دعة و في السكات
فالنار أولى به يُشوَى بها على الجمرات
(19)
يا حبيبتي ...أما آن لك أن تعترفي
يا من فاقت بوصفها كل متصف
إن شئت ملكتي القلب مع الروح
فاض حبا... فانهلي منه واغترفي
يهوى الفؤاد ذات الدلال من زمن
صدري خوى من قلبه المختطف
مالي لم ألوذ رضًا من ربة الحسن
لَبِّي فرضاك أعظم من أي شَرَفٍ
من شوقٍ أناجيها في جوفِ ليلٍ
شوقٌ قد طمس النجوم في سَدَفِ
حاشاني فما غمض لي طرفٌ
أشكو بديعةَ اللواحظ من ضعفي
بالسهد أرقتني وماغفت جفوني
زادني البين عنك لوعة من شغفي
إني أبتليت به وقد أهلكني الجفا
أوشكت به على النهاية والحتف
(20)
هيهات ... هيهات
حتما سيبرح الصوت حلقي
ويهزم في فمي سكاتي
ألقيتك أنا .. قبل أن تلقيني
نفاية في سلة مهملات
لن يخرج عن صمتي أنين
يصاحب لهيبا بزفراتي
ذهبت ككل شيء لا يدوم
وسينتهي بك إلى الممات
غيّرتُ بعد السأم حياتي
فأدركت والعمر في فوات
قد صار القلب منك قبرا
وأنت فيه بعض رفات
حتى خيالي لم يعد يهواك
فألقيتك مع الذكريات
أرتق كل الطعون في قلبي
لأبرأ منها في ثبات
جمّعت أشلائي منك سريعا
رجعت من كل شتاتي
قد بَرِحْت إلا في قصائدي
مجرد بعض كلمات
حتى حروفك فيها صمت
و ناخت عنها أصواتي
رغم ضعفك أغمضت جفني
ليكسي حجابا للعاريات
روحي بعثت بعد الرحيل
وقد كانت مع الأموات
ضيعت دهرا بحسن ظن
وفقدت فيك كل أوقاتي
(21)
أطلق سراح الحزن من صدرك باكيا
واترك ثقيل المزاح وإن بدا خفيفا
إن التكلف يكسيك من الوقار شرفا
فاهجر سخيف الهزل ولوكان لطيفا
لو مازحت السفيه تدنو عنه درجة
يكفي أن تصاحب في الدنيا عفيفا
كن بالحق حازما ولاتجنح إلى قسوة
ترقى .. فالناس أبدا لا تجل ضعيفا
(22)
يانور قلبي و نسيم فجري وعبق أزهاري
يا فاتنة سكنتي قلبي واستوطنتي أشعاري
أقبلتي عليَّ والقلب يهفو بعد طول انتظار
بالشعر أقولها أم بالحب أبوح ولا أداري
كم كابدت فيك أشواقَ قلبٍ أشعلت ناري
لا أبيت الليل من سهد وأنت من أسراري
كم تقسوعليَّ لما استباحت عقلي وأفكاري
أرغمتني بالخضوع لحبها بليلي و نهاري
لوقلت فيها شعرا ماكفت أقلامي وأحباري
تشدو وصوتهاعذبٌ يهزُّ في القلب أوتاري
أقبلي و تعالي في كنفي لتعيشي في داري
كم أتوق إلى جنة أراك فيها إلى جواري
(23)
كم يا غرامي عذبتني وقوضت لي خيامي
أبليتني وأهنتني وسحقت هامتي ومقامي
ما ألهبني منك و ألاقيه في ليلي وأيامي
في الليل لا يغفو جفني وعافيت طعامي
ها أنا أسميك قهري وفنائي فلستَ غرامي
لا تدعني بعدك كمن أشرف على الأعدامِ
أهلكتني وضاع عمري وأهدرت أعوامي
دعني بربك في حالي واتركني في سلام
(24)
لم يعد غريب علي صمتها ... زالت دهشتي وانكشف الخفي
بعد زمن قد بانت حقيقتها ... من خلف القناع كانت تختفي
ضاعت كل كلماتي فيها ... ماتت قصيدتي وسكنت أحرفي
بت الليالي بشوق أناجيها ... أرسلت شعرا لها بكلام مرهف
أحجمت ولم تلقي لي بالا ... رغم توددي إليها وكل تلطفي
هل مالت لغيري ؟ ربما.. ... فضلت إبتعاداً...وأن تختفي
لا يحيا فؤادي في قسوة ... ولا يركن لقلب غير منصف
أتركها وأكسبني بعدها ... أم أجتني المُرَّ رغم تخوفي ؟